اتعبني الجري وراءك كل هذه المدة ...فقد سرت أتعقب خطواتك في ساحات المدن المكتظة بالمتسكعين ،في الأزقة الضيقة ،في محطات القطارات التي يحيى الزمان ويموت فيها عند رأس كل ساعة،في المقاهي المزدحمة بالبؤساء مثلي،بين سيارات الأغنياء التي تستقلينها كل ليلة،بين الحدائق التي يداعب فيها رجال الليل شعرك المتدلي الى الساقين،بين فقرات الكتب الصفراء تلك المثقلة'بالأحلام/بالأوهام'، بين أولئك الذين يعبرون الأسرّة في لحظات احتضار الفجر، وفي سجل ذاكرة جسدك ذاك(موطن الشيطان)،بين تلك الروايات التي اقتنيناها لنقرأها معا وأخلفت الموعد فقرأتها لوحدي في سمري الدائم مع البكاء في ليالي الصيف والربيع،عفوا... لن أنس انني زرت تلك الرمال الذهبية العذراء التي استلقيت عليها ذات ""يوم""ورياح الغرب تداعب أطراف أسمالك البيضاء والسوداء بحضرة العشيـــق، وقطرات الرذاذ أبت الاقتراب من فعلك الشنيع ذاك..الذي دمرني لوحدي ومازال ومازال...؛أرداني رسالة محملة بالأسى، بالحزن العميق،وأرسلني نحو المجهول ودون ان يرفقني بعنوان يثبت هويتي...
آآه أشغلني الحديث عن نفسي وكدت أنسى أني زرت في رحلة البحث عن شيء من وجهك الجميل الذي كان...تلك الورود التي رسمناها بأحمر الشفاه ذات سبت وأحد وقبلات مسروقة احتسيناها في فنجان قهوة الصباح....سحقا للسبت والأحد اللذان أنكرا أني ,أنا الذي زرعت وسقيت هذه الورود فغدت تنضح اليوم بالحياة وفائحٌ عبيرها برائحة المسك، برائحة عطور "نوح"العظيمة ،ليقطفها غيري دون أن يكون قد بكى أو حتى اشتكى...فاسمحي لي أن أكررها :أنا لست عطيلا خذله المنديل السحري وأسفك دمـــاء ديمونة،لست مصطفى سعيد 'لأغزو الضباب في مدينتك وتنتحر البراءة على مشارف وسادتي في كل ليلة'...أنا لحن عذب جميل ينبعث من مزامير الرعاة البسطاء،أنا لحن ألفته أصابع الحسنــــــاء على قيثارة بنفسجية اللون ....فطوبى للتي تتقن العزف...