هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


غاليري الإبداع الأدبي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 قراءة نقدية في نص ق.ق.ج.

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
saadia belguareh




عدد المساهمات : 5
تاريخ التسجيل : 30/04/2014

قراءة نقدية في نص ق.ق.ج. Empty
مُساهمةموضوع: قراءة نقدية في نص ق.ق.ج.   قراءة نقدية في نص ق.ق.ج. Emptyالسبت مايو 03, 2014 4:05 pm

قراءة نقدية في نص قصةٍ قصيرة جدا، للقاص الأستاذ عبد الرحيم التدلاوي..
بقلم الأستاذة سعدية بلكارح:
للمسابقة:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعيشُ القصة القصيرة جدا موجةً من الانتقاداتِ وردودِ الأفعالِ بينَ مُتقبِّلٍ مُعزِّزٍ ورافِضٍ مُنَدِّدٍ، مما جعل المُنافِحين عنها يمَحِّصون في هويتِها ليثبتواْ أنها لم تأتِ من فراغٍ..ويدْحَضون ادِّعاءَ المُناوئين لها بأنها لن تعيشَ طويلاً لاحتمالاتٍ واهيةٍ يزْعمونها..فأثْرَتْ هذه الضجةُ الساحةَ الثقافيةَ عامةً، والسردَ خاصةً..وصقلتْ وجهَ هذا الوليدِ "الق.ق.ج."الذي يحملُ من جينات الروايةِ(السرد) والشعر(الشاعرية)..ليشق طريقَهُ بجدارةٍ بين أشقائه من صنوف الأدبِ..
كثيرمنهم ظل يغرد خارج السرب..من ساردين و نقادٍ..يكتبون.. ولا يكتبونَ للأسفِ..محدِثين تخمةً..وصخبا..فليسَ كل ساردٍ مُجيداً..كما ليس كل ناقدٍ صائباً..
وقدْ برزتْ أقلامٌ لامِعةٌ أسْهمَتْ في إرساء دعاماتِ السردِ القصيرِ والقصير جدا(الق.ق.ج) وتمتينِ أواصرِ التواصُلِ بينهُ وبين السارد ليبدوَ النص مائزا ماتعاً ينضَحُ بالإثارة والدهشةِ..
ومع ذلك، ما زالت القصة القصيرة جدا، كأيِّ وافدٍ جديدٍ، تفتقر إلى تأطيرٍ حقيقيٍّ يضعها في قالبها النهائيِّ..رغمَ أنها قطعتْ أشواطاً كبيرةً في إبرازِ خصائصها ومقَوّماتِها..
وتُعتبَرُ القصة القصيرةُ جدا نِتاج المدرسة الحداثيَّةِ أوِ التَّحْديثيَّةِ أو التَّجريبيَّةِ التي تمرَّدت على المدرسةِ الواقعيّة الكلاسيكية منذ نهايةِ القرن الماضي، ليسطع نجمها مع تطلُّعاتِ هذا القرنِ الواحدِ والعشرينَ، بمفارقاتٍ عديدةٍ كالميتاقص أو الميتاسرد، الميتاواقع، الميتاتخييل، الميتالغة...
والميتا تعني ما وراء..(أو المغاير)..والشق الثاني:القص أي التخييل.. méta fiction
ومن دعامة هذه المفارقات إشراك المتلقي في البناء الفكري للنص، بإسهامِه في إبراز آليات التأثيث التي اعْتُمِدَتْ، وكشْفِ ما خَفِيَ حتى على السارد نفسِهِ..
ومن ركائز القصة القصيرة جدا تفعيلُ هذا التفاعل الوجداني بين النص والسارد والمتلقي..
ومن هذا الثالوث المتكامل ندخل إلى نص"تضحية" لصاحبه القاص المبدع عبد الرحيم التدلاوي..لنستكشفَ ما مميزات هذا النص وما علاقته بالمقاربة التي تم استهلال هذه القراءة بها وهل حقق شيئا من التلاقح والتفاعل والمتعة بحيث يترك أثرا في نفسيتنا كقراء حين ننتهي من قراءته..لا نفتأ نعيد قراءته من جديد أم لا..وهل..وهل..؟؟
أكثر من علامة استفهامٍ يسبقُها تشويقٌ دراميٌّ يُنْبِئُ به العنوان المختَزِلِ لتيمَةٍ وحْدَوِيَّةٍ تصلها بالمتن من غير تصريحٍ صريحٍ.. هذا ما نرومُ التعرف عليه معاً..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تضحية:
تريد أن تأكل..
لسانها الأسود متشقق من الجوع..
بطنها يحدثها عن الموت.
أحس بتعاطف فظيع معها..
أموت ..أتحلل..
فتشبعها ديداني.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فكلمة "تضحيةٌ" لها دلالتها الـْ"ما قبْلِيَّة" التي تستنفر حواسنا لتوقعاتٍ صادمةٍ.. واختيار السارد لها كبوابة للمتن حققت هذه المهارة بحِرَفِيَّةٍ.
ومحلها من الإعراب:خبر لمبتدإ محذوفٍ تقديره "هذه"..
ومعناها لغةً بذلُ النفسِ أو النفيسِ من أجلِ طرفٍ آخر َكعملٍ تطوعي فيه خيرٌ بدون مقابل..
لذلك كانتِ التضحيةُ أمرُها عظيمٌ..وشأنُها جسيمٌ..في سبيل الوطن أوشخصٍ نعزه أو مبدإ نؤمن به..بمعنى حتمية علاقة وجدانية بين المضَحِّي والمُضَحّى من أجله..
استهلال النص بفعل مضارعٍ(تريد أنْ تأكل..) يفيد الاستمرارية والتقريرية.. فالاستمراريَّةُ تتجلى في كونِ البطلةُ لا تتوقف رغبتُها في الأكل..إرادتها تتكرر..في حركٍة دائمة..
أما التقريريَّة فتتمثلُ في هيمنتها بالإرادة التي نستوحيها من صيغة المضارعة في فعل "تريد".
ومن مصدر الفعل:الإرادة أي المثابرة على القيام بشيءٍ.. ومن يقرر تكون له قوة وهيمنةً..
مع اعتماد النقطتين (..) كعلامة ترقيم تعزز المعنى المنصرم.
ثم ينتقل بنا السارد إلى مقاربةِ الميتاتخييل بتوظيفِ التلغيز والانزياح اللفظي والمعنوي في قلب
الرؤية التي يكوِّنها القاريء عند مطلَعِ النص، وهذه من آلياتِ التأثيث التي تحقق الدهشة والتفاعل
مع حيثياتِ السرد..والانفعال الوجداني مع شخوصهِ..الذين يختفون خلف لغةٍ مُنْتََقاةٍ..فالجملتان الاسميتان الوحيدتان اللتان توسطتا خمس جمل فعليةٍ:" لسانها الأسوَدُ متشقِّقٌ من الجوع.. بطنُها يحدثها عن الموتِ." باشرتا خرْقَ المتَوقَّعِ.. حيث هذا الترميز إلى اللسان الأسود المتشقق ليس إلا لِأفعى ..والأفعى في الفلسفة ترمز إلى قوة مستبدة..وهذا التناص في الأفكار الواردة يُضْفي جمالية أخرى تُحسَب للنص..فمَنْ تريد أن تأكل تعبِّر عن رغبتها بالتصريحِ أو بالتلميحِ، لكنْ كيف يُحدثِّـ"ها" بطنُـ"ها" عن الموت.. هل له لسان ينطق به، أمْ هو تصويرٌ لتلك الـ"ها" الحاضرة بقوة في الذات الساردة..أمْ هي صياغة مختلفةٌ لإيديولوجية تعكس مخزوناً نفسيا أووطنيا أو اجتماعيا أو دينيا او اقتصاديا لدى البطل الذي يتقمص الـ"انا" كضمير متكلمٍ؟
وكلمة "الجوع" التي ذيَّل بها السارد الجملةَ الثانيةَ عندَ نقلنا إلى المشهد الدرامي، ترمز إلى رغبة مستديمة في الكسب والأخذِ.. تصوير فائق الدقة عن الخصاص والاحتياج الدائم..وربط هذه السمة في أذهاننا بشكل "الأفعى"..التقاطة ذكية من السارد الذي يضَمِّن سردَه لغةً إيهاميَّةً..بحذاقةٍ بالغةٍ..
وقد يستقريء المتلقي تضميناً آخر..يرتبط بالأرض.. إذِ البطنُ لغةً الأحشاء أو الجوف..وبطونُ الكتب:دواخلها..
والسواد لون التربة..
وقد يكون هذا التشقق ناتجاً عن يباسٍ وجفاف..
ويظل السارد موغلاً في الانزياحات والإيهاماتِ..مُجيداً للمحسنات التي تضْفي جماليةً فنيةً تُحسَبُ للنصِّ..
ثم يعود بنا إلى الجملة التقريرية بفعل مضارع
يثبت العلاقة الوجدانية المتواصلة بين الذات الساردة و"البطلة"..
" أحِسُّ بتعاطُفٍ فظيعٍ معها.. "
التعاطف مصدر فعلِ:تعاطفَ وهو فعل خماسي على وزن تفاعلَ أي اشتراكُ اثنينِ في الفعل..
تعاطف: اَشْفقَ وحَنَا..
والشفقة تكون على ضعيفٍ يحتاج مساعدة..وهذه البطلة التي أبدتْ قوة وهيمنةَ
بإرادتها التي استهلَّ بها السارد النص..في ورطةٍ واضحةٍ، لكنَّ البطل يشاطرها الإحساسَ..بالتعاطفِ..يتقاسمانِه معاً..
قد تكون سباقةً للمنح..فماذا تضمر لنا هذه الآلية التلميحية؟؟
التعاطف مقرون بنعتٍ يربكَ القاريء..ويضعه أمام تلغيزٍ جامحٍ ..
أُحسُّ بتعاطفٍ فظيعٍ ...الفظاعة معناها الشناعة والقبح..
فَظِع بالأمرهالهُ و استعظمه
فَظِعَ الإناء: امتلأ..
لكنَ القفلة التي تلتْ هذا التوصيف تصَنِّف لنا ماهية الكلمة..
أموتُ..أتحلل..فتشبعها ديداني .
قفلة تُحدِث للمتلقي توتراً و انفعالا ، لنسقها الدّلالي و الصّدامي..
وبحنكة ا لسارد المتحكم في آليات السرد..استطاع أن يحقق تلك العلاقة الوجدانية بين المضَحِّي والمُضَحّى من أجلها.." والتي نستشفها كقراءَ من العنوان الذي يحفظ للخاتمة صدمتها غير المتوَقَّعة..
أموت..أتحلل..فتشبعها ديداني. مع نقطة نهاية تُفْضي بالبطل إلى بطنـ"ها"..
فكيف يموت ويتحلل..ويحكي بضمير المتكلم عن نهايته؟؟
تلك فنية أخرى أبدعَ فيها القاصُّ المبدع التدلاوي الذي اعتمد مفارقة الإيهام والتخييل..بتفوقٍ.. كما أخضَع النص شكلا لخاصية الاختزال والتقطيع الذكي..فالجمل الفعلية تحقق حركية واضحة ومؤثراتٍ درامية..خصوصا الثلاثة جمل الأخيرة.. ونقط الحذف تغري باستقراء ما وراء اللغة..
كما أن لكلمات المَوت..التحلل.. الديدان.. دلالة على مرجعيته الدينية المتجليةِ في استحضار هذا الإحساس في سرده: التفكر في الموت..في جوف الأرض..في القبر..
ويظل عامل الترميز والإيماء في النص يدعو القاريء إلى التنقيب عن مكنوناته
واستكشاف المزيد من فنية الإبداع التي تتوج هذا الإنجاز..

مع التحية..
سعدية بلكارح.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
saadia belguareh




عدد المساهمات : 5
تاريخ التسجيل : 30/04/2014

قراءة نقدية في نص ق.ق.ج. Empty
مُساهمةموضوع: رد: قراءة نقدية في نص ق.ق.ج.   قراءة نقدية في نص ق.ق.ج. Emptyالسبت مايو 03, 2014 4:07 pm

أعتذر عن تداخل الحروف في بعضها(المشكل تقني)..

مودتي..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
saadia belguareh




عدد المساهمات : 5
تاريخ التسجيل : 30/04/2014

قراءة نقدية في نص ق.ق.ج. Empty
مُساهمةموضوع: رد: قراءة نقدية في نص ق.ق.ج.   قراءة نقدية في نص ق.ق.ج. Emptyالسبت مايو 03, 2014 4:08 pm

قراءة نقدية في نص قصةٍ قصيرة جدا، للقاص الأستاذ عبد الرحيم التدلاوي..
بقلم الأستاذة سعدية بلكارح:
للمسابقة:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعيشُ القصة القصيرة جدا موجةً من الانتقاداتِ وردودِ الأفعالِ بينَ مُتقبِّلٍ مُعزِّزٍ ورافِضٍ مُنَدِّدٍ، مما جعل المُنافِحين عنها يمَحِّصون في هويتِها ليثبتواْ أنها لم تأتِ من فراغٍ..ويدْحَضون ادِّعاءَ المُناوئين لها بأنها لن تعيشَ طويلاً لاحتمالاتٍ واهيةٍ يزْعمونها..فأثْرَتْ هذه الضجةُ الساحةَ الثقافيةَ عامةً، والسردَ خاصةً..وصقلتْ وجهَ هذا الوليدِ "الق.ق.ج."الذي يحملُ من جينات الروايةِ(السرد) والشعر(الشاعرية)..ليشق طريقَهُ بجدارةٍ بين أشقائه من صنوف الأدبِ..
كثيرمنهم ظل يغرد خارج السرب..من ساردين و نقادٍ..يكتبون.. ولا يكتبونَ للأسفِ..محدِثين تخمةً..وصخبا..فليسَ كل ساردٍ مُجيداً..كما ليس كل ناقدٍ صائباً..
وقدْ برزتْ أقلامٌ لامِعةٌ أسْهمَتْ في إرساء دعاماتِ السردِ القصيرِ والقصير جدا(الق.ق.ج) وتمتينِ أواصرِ التواصُلِ بينهُ وبين السارد ليبدوَ النص مائزا ماتعاً ينضَحُ بالإثارة والدهشةِ..
ومع ذلك، ما زالت القصة القصيرة جدا، كأيِّ وافدٍ جديدٍ، تفتقر إلى تأطيرٍ حقيقيٍّ يضعها في قالبها النهائيِّ..رغمَ أنها قطعتْ أشواطاً كبيرةً في إبرازِ خصائصها ومقَوّماتِها..
وتُعتبَرُ القصة القصيرةُ جدا نِتاج المدرسة الحداثيَّةِ أوِ التَّحْديثيَّةِ أو التَّجريبيَّةِ التي تمرَّدت على المدرسةِ الواقعيّة الكلاسيكية منذ نهايةِ القرن الماضي، ليسطع نجمها مع تطلُّعاتِ هذا القرنِ الواحدِ والعشرينَ، بمفارقاتٍ عديدةٍ كالميتاقص أو الميتاسرد، الميتاواقع، الميتاتخييل، الميتالغة...
والميتا تعني ما وراء..(أو المغاير)..والشق الثاني:القص أي التخييل.. méta fiction
ومن دعامة هذه المفارقات إشراك المتلقي في البناء الفكري للنص، بإسهامِه في إبراز آليات التأثيث التي اعْتُمِدَتْ، وكشْفِ ما خَفِيَ حتى على السارد نفسِهِ..
ومن ركائز القصة القصيرة جدا تفعيلُ هذا التفاعل الوجداني بين النص والسارد والمتلقي..
ومن هذا الثالوث المتكامل ندخل إلى نص"تضحية" لصاحبه القاص المبدع عبد الرحيم التدلاوي..لنستكشفَ ما مميزات هذا النص وما علاقته بالمقاربة التي تم استهلال هذه القراءة بها وهل حقق شيئا من التلاقح والتفاعل والمتعة بحيث يترك أثرا في نفسيتنا كقراء حين ننتهي من قراءته..لا نفتأ نعيد قراءته من جديد أم لا..وهل..وهل..؟؟
أكثر من علامة استفهامٍ يسبقُها تشويقٌ دراميٌّ يُنْبِئُ به العنوان المختَزِلِ لتيمَةٍ وحْدَوِيَّةٍ تصلها بالمتن من غير تصريحٍ صريحٍ.. هذا ما نرومُ التعرف عليه معاً..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تضحية:
تريد أن تأكل..
لسانها الأسود متشقق من الجوع..
بطنها يحدثها عن الموت.
أحس بتعاطف فظيع معها..
أموت ..أتحلل..
فتشبعها ديداني.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فكلمة "تضحيةٌ" لها دلالتها الـْ"ما قبْلِيَّة" التي تستنفر حواسنا لتوقعاتٍ صادمةٍ.. واختيار السارد لها كبوابة للمتن حققت هذه المهارة بحِرَفِيَّةٍ.
ومحلها من الإعراب:خبر لمبتدإ محذوفٍ تقديره "هذه"..
ومعناها لغةً بذلُ النفسِ أو النفيسِ من أجلِ طرفٍ آخر َكعملٍ تطوعي فيه خيرٌ بدون مقابل..
لذلك كانتِ التضحيةُ أمرُها عظيمٌ..وشأنُها جسيمٌ..في سبيل الوطن أوشخصٍ نعزه أو مبدإ نؤمن به..بمعنى حتمية علاقة وجدانية بين المضَحِّي والمُضَحّى من أجله..
استهلال النص بفعل مضارعٍ(تريد أنْ تأكل..) يفيد الاستمرارية والتقريرية.. فالاستمراريَّةُ تتجلى في كونِ البطلةُ لا تتوقف رغبتُها في الأكل..إرادتها تتكرر..في حركٍة دائمة..
أما التقريريَّة فتتمثلُ في هيمنتها بالإرادة التي نستوحيها من صيغة المضارعة في فعل "تريد".
ومن مصدر الفعل:الإرادة أي المثابرة على القيام بشيءٍ.. ومن يقرر تكون له قوة وهيمنةً..
مع اعتماد النقطتين (..) كعلامة ترقيم تعزز المعنى المنصرم.
ثم ينتقل بنا السارد إلى مقاربةِ الميتاتخييل بتوظيفِ التلغيز والانزياح اللفظي والمعنوي في قلب
الرؤية التي يكوِّنها القاريء عند مطلَعِ النص، وهذه من آلياتِ التأثيث التي تحقق الدهشة والتفاعل
مع حيثياتِ السرد..والانفعال الوجداني مع شخوصهِ..الذين يختفون خلف لغةٍ مُنْتََقاةٍ..فالجملتان الاسميتان الوحيدتان اللتان توسطتا خمس جمل فعليةٍ:" لسانها الأسوَدُ متشقِّقٌ من الجوع.. بطنُها يحدثها عن الموتِ." باشرتا خرْقَ المتَوقَّعِ.. حيث هذا الترميز إلى اللسان الأسود المتشقق ليس إلا لِأفعى ..والأفعى في الفلسفة ترمز إلى قوة مستبدة..وهذا التناص في الأفكار الواردة يُضْفي جمالية أخرى تُحسَب للنص..فمَنْ تريد أن تأكل تعبِّر عن رغبتها بالتصريحِ أو بالتلميحِ، لكنْ كيف يُحدثِّـ"ها" بطنُـ"ها" عن الموت.. هل له لسان ينطق به، أمْ هو تصويرٌ لتلك الـ"ها" الحاضرة بقوة في الذات الساردة..أمْ هي صياغة مختلفةٌ لإيديولوجية تعكس مخزوناً نفسيا أووطنيا أو اجتماعيا أو دينيا او اقتصاديا لدى البطل الذي يتقمص الـ"انا" كضمير متكلمٍ؟
وكلمة "الجوع" التي ذيَّل بها السارد الجملةَ الثانيةَ عندَ نقلنا إلى المشهد الدرامي، ترمز إلى رغبة مستديمة في الكسب والأخذِ.. تصوير فائق الدقة عن الخصاص والاحتياج الدائم..وربط هذه السمة في أذهاننا بشكل "الأفعى"..التقاطة ذكية من السارد الذي يضَمِّن سردَه لغةً إيهاميَّةً..بحذاقةٍ بالغةٍ..
وقد يستقريء المتلقي تضميناً آخر..يرتبط بالأرض.. إذِ البطنُ لغةً الأحشاء أو الجوف..وبطونُ الكتب:دواخلها..
والسواد لون التربة..
وقد يكون هذا التشقق ناتجاً عن يباسٍ وجفاف..
ويظل السارد موغلاً في الانزياحات والإيهاماتِ..مُجيداً للمحسنات التي تضْفي جماليةً فنيةً تُحسَبُ للنصِّ..
ثم يعود بنا إلى الجملة التقريرية بفعل مضارع
يثبت العلاقة الوجدانية المتواصلة بين الذات الساردة و"البطلة"..
" أحِسُّ بتعاطُفٍ فظيعٍ معها.. "
التعاطف مصدر فعلِ:تعاطفَ وهو فعل خماسي على وزن تفاعلَ أي اشتراكُ اثنينِ في الفعل..
تعاطف: اَشْفقَ وحَنَا..
والشفقة تكون على ضعيفٍ يحتاج مساعدة..وهذه البطلة التي أبدتْ قوة وهيمنةَ
بإرادتها التي استهلَّ بها السارد النص..في ورطةٍ واضحةٍ، لكنَّ البطل يشاطرها الإحساسَ..بالتعاطفِ..يتقاسمانِه معاً..
قد تكون سباقةً للمنح..فماذا تضمر لنا هذه الآلية التلميحية؟؟
التعاطف مقرون بنعتٍ يربكَ القاريء..ويضعه أمام تلغيزٍ جامحٍ ..
أُحسُّ بتعاطفٍ فظيعٍ ...الفظاعة معناها الشناعة والقبح..
فَظِع بالأمرهالهُ و استعظمه
فَظِعَ الإناء: امتلأ..
لكنَ القفلة التي تلتْ هذا التوصيف تصَنِّف لنا ماهية الكلمة..
أموتُ..أتحلل..فتشبعها ديداني .
قفلة تُحدِث للمتلقي توتراً و انفعالا ، لنسقها الدّلالي و الصّدامي..
وبحنكة ا لسارد المتحكم في آليات السرد..استطاع أن يحقق تلك العلاقة الوجدانية بين المضَحِّي والمُضَحّى من أجلها.." والتي نستشفها كقراءَ من العنوان الذي يحفظ للخاتمة صدمتها غير المتوَقَّعة..
أموت..أتحلل..فتشبعها ديداني. مع نقطة نهاية تُفْضي بالبطل إلى بطنـ"ها"..
فكيف يموت ويتحلل..ويحكي بضمير المتكلم عن نهايته؟؟
تلك فنية أخرى أبدعَ فيها القاصُّ المبدع التدلاوي الذي اعتمد مفارقة الإيهام والتخييل..بتفوقٍ.. كما أخضَع النص شكلا لخاصية الاختزال والتقطيع الذكي..فالجمل الفعلية تحقق حركية واضحة ومؤثراتٍ درامية..خصوصا الثلاثة جمل الأخيرة.. ونقط الحذف تغري باستقراء ما وراء اللغة..
كما أن لكلمات المَوت..التحلل.. الديدان.. دلالة على مرجعيته الدينية المتجليةِ في استحضار هذا الإحساس في سرده: التفكر في الموت..في جوف الأرض..في القبر..
ويظل عامل الترميز والإيماء في النص يدعو القاريء إلى التنقيب عن مكنوناته
واستكشاف المزيد من فنية الإبداع التي تتوج هذا الإنجاز..
مع التحية..

سعدية بلكارح.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قراءة نقدية في نص ق.ق.ج.
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: غاليري السرديات :: الدرسات النقدية-
انتقل الى: