همسات البحر
البحر ها هنا
في المساء الأخير
يمنحني موجتين
واحدة للأفق البعيد
و المطرز بشفق الغروب
و الأخرى لامرأة تحب المرايا
و تفترش سرير القصيدة
و لا تجد الوقت للنوم
لشكاوى العابرين
صيادي البحار العميقة
و همسات المد و المحار
بعيدا ، هناك
على الموج ثمة رجل يشبهني
و يصنع من أحلامه زورقا للرغبة
و الرمل شاهد على حروبي الخاسرة
مازال ثمة جرح نازف
مثل شفق الغروب الخريفي
ينخر تجاعيد الميناء
على ايقاع دقات الساعة الرتيبة
و ذكريات الطفولة الهاربة
من هسيس الريح
و كراسي المقهى المهترئة
المخضبة برائحة البن و الشاي
تمتص ما تبقى من العمر الشارد
الذي مضي ، أو الذي سوف يمضي
و الغيم يزيد من كآبة المكان
و النادل يعد انكساراته و يتوق
لسفر بعيد و لعيد الميلاد الذي لا يعرفه
كيف لي أن أعيد النوارس اليتيمة
إلى قفص من وجع و هباء
و أعيد للصيادين سيمفونية الموج
أشرعة كفراشات الربيع الذي لم يزهر بعد
هو البحر يشرب حتى الثمالة
و يتربص بأحلام الصيادين
يراود امرأة تحب القبرات
و القطارات التي تمضي إلى مدن الشمال
هو البحر ، شبيهي
يحمر حين يغضب
كيف لي أيها الموج
أن أنسى المساء
و هو يدندن أغنيات الجديجد
في رحم الشاطئ
المساء ها هنا ظلي الآخر
و المساء يتملى وجه العابرين
ويؤخر قدوم الفجر
الراقد فوق السحاب
و المدينة بلا قمر
يضيء سماءها
ليدرك العابرون أنهم مازالوا أحياء
في مرايا البحر
و يقرؤون رسائل النهر القريب
على صوت هديل اليمام
و رفيف النوارس و هي تحلق عكس الريح
و حدها الأسوار تسخر من تاريخ
مر من هنا ذات يوم
مثل رصاصة غادرة
ولم يترك لنا سوى غبار التيه
و رسائل قديمة
و موت مؤجل