مرت ساعات، و ساعات؛ جاثية على مقعدي الحجري، أتأمله تارة، وأبكيه أخرى. في البداية كانت همساته تداعب أذني....لقد اشتاق إلي.... لكنه ما فتئ أن رفع تلك الهمسات عاليا، لتصبح صراخا حادا أفقدني جزءا من سمعي...يعاتبني؛ لم نلتق منذ أسابيع؛ الآن يعاتبني، يستجوبني، أسئلته الكثيرة شلت لساني و منعته الإجابة، أمواجه العاتية تفتت كياني في كل مرة تضرب مقعدي....
خذيني إليه يا موجة، خذيني معك إلى أعماقه فهي أنقى، خذيني بعيدا فأنا مشتاقة، خذيني إليه عله ينظف الروح المتسخة، خذيني إليه علي أجد مكانا في حضنه الواسع لأبكيه همي، ثم أعيديني إلى حيث حملتني.
أسألك السماح، يا من برحابه أرتاح، ما باليد حيلة، كبرت و لم أعد صغيرة، كبرت و يا ليتني لم أكبر.... أتذكر يوم أكملت العشرين من عمري، سألتك: هل سيأتي يوم و أنكت فيه وعدي الذي قطعته لك؟ صمت طويلا، وبعدها هببت بلفحاتك القوية. يومها لم استوعب شيئا مما لمحت به.
احتجتك كثيرا بجانبي، دعمك و مؤازرتك الدائمة. تدفق قلبي اشتياقا؛ آسفة، آسفة، آسفة...... ذنبي كبير و أخطائي لا تغتفر. لكن، تذكر أن صوتك سكن سمعي، و صورتك استعمرت بصري، و رائحتك استوطنت أنفي، و قطراتك الندية المسروقة دوما تداعب وجنتاي لتغسل هموم الأيام، فلا تجعلني عجوزا وأنا في ريعان الشباب.
فاطمة الزهراء زمومي
الرئيسية 
البوابة 
